الجمعة، 5 يوليو 2019

ضمن حملة «احكي حكايتها» أحلام المنسي تكتب: «أبلة نور».. النور الذي أضاء طفولتي


ضمن حملة «احكي حكايتها»
أحلام المنسي تكتب: «أبلة نور».. النور الذي أضاء طفولتي




أحلام المنسي

كل يوم نقابل العديد من الأشخاص، منهم من يمرون بحياتنا مرور الكرام دون تأثير ومنهم من يؤثر فينا ويترك أثرًا كبيرًا في ذواتنا أثناء تواجده معنا أو حتى بعد رحيله.
والشخصية التي أتحدث عنها لها من اسمها كل النصيب فهي نور الهدى، وكانت نوراً لي بحق أضاء لي فترة طفولتي في مرحلة الدراسة الإبتدائية.
كانت أستاذة نور الهدى هي أمينة مكتبة مدرستي الإبتدائية، ولما لاحظت حبي للقراءة الذي زرعته أمي في، كانت تقترح علي القصص والموسوعات المختلفة لاستفيد منها خاصة كتب الشعر لتشجعني على حبي للكتابة والإلقاء.
كانت أستاذة نور تساعد جميع الأطفال بالمدرسة على تنمية مواهبهم، فكانت تشجعنا على المشاركة في مجلات الحائط والأنشطة الفنية داخل المكتبة، ولم يقتصر مجهودها معنا واهتمامها بالجانب الثقافي لدينا على النشاط داخل المدرسة، ولكنها كانت تصطحبنا إلى مكتبة مصر العامة لكي نطلع على المزيد من الكتب والقصص الغير موجودة بمكتبة المدرسة ولكي نمارس هواياتنا من رسم وغناء وموسيقى ومشاهدة أفلام الكارتون والأفلام التعليمية.
كانت أبلة نور تصطحبنا إلى رحلات ترفيهية لنتعرف فيما بيننا خارج نطاق المدرسة لتتعمق صداقتنا وعلاقتنا معها، فرغم أنها لم يكن لديها أبناء إلا أنها كانت أمًا حنونًا لنا تهتم بنا وتحفزنا على مزيد من النجاح سواء في الدراسة أو في تطوير مواهبنا.
كثيرًا ما كنا نشارك في تزيين المكتبة وعمل ولوحات فنية، وذلك باستخدام أقل الإمكانيات وباستخدام خامات من البيئة حتى نشعر أن هذه المكتبة بيتنا الذي نجمله ونزينه بأنفسنا، وعودتنا على الحفاظ على الكتب وتنظيم الرفوف بوضع كل كتاب مكانه لأنه ليس ملكًا لنا فحسب ولكنه ملكًا للآخرين ومن حقهم الاستفاده بالكتب وهو في أفضل حال.
وأتذكر لها مواقف جميلة ومؤثرة تُظهر رحمتها التي كانت تغرسها بنا، فكانت تطعم الحمام الذي يحط بفناء المدرسة وتجلب معها الحبوب بشكل يومي وتنثرها على أرض الفناء، وكنت آخذ منها جزء من الحبوب لأشاركها في إطعام الحمام، وكذلك كانت ترعى عدد من القطط بمنزلها، وعندما توفيت كانت هذه القطط حزينة عليها كحزني عليها وحزن المدرسة كلها خاصة المكتبة التي أصبحت بلا روح بدون وجودها.
كل هذه المواقف الإنسانية والشخصية العميقة لأبلة نور أثرت في كثيرًا وجعلتني شغوفة بحب القراءة والكتابة وربطتني أكثر بحب مجال الإعلام والثقافة، ما شجعني على الالتحاق بكلية الإعلام، ما زلت أتذكر أبلة نور كلما مررت بمكتبة أو شاهدت سربًا من حمام يبحث عن طعامه، وستظل ذكراهها بداخلي ولن أنساها أبدًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق