السبت، 13 مايو 2017

"أنا بخير اطمئنوا" .. أول معرض يوثق مقتنيات النساء

معرض "أنا بخير .. اطمئنوا" .. تصوير - حنان فوزي الميهي

كتبت - حنان فوزي الميهي

فستان أنيق من ستينيات القرن الماضي، قطع فخارية مُتقنة الصنع، شهادات تقدير وصور تذكارية، متعلقات شخصية وجوائز، قبعة وايشاربات ومنسوجات مُطرزة، مكحلة ونضارة ومذكرات بخط اليد، ومع كل هذه الأشياء نبذات مكتوبة عن حيوات صاحبات هذه الأشياء، بالإضافة إلى العديد من الزوار المصريين والأجانب، هذا المشهد من معرض "أنا بخير.. اطمئنوا".



أقامت مؤسسة "المرأة والذاكرة" هذا المعرض في الجامعة الأمريكية، بشراكة مع العديد من المنظمات العالمية والإقليمية كمتحف المرأة في الدنمارك، مركز طراز في الأردن وحدة الأنثروبولوجيا ومركز سينثيا نيلسون في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، المعهد الدنماركي المصري للحوار، وورشة المعارف بلبنان.


وفي حديث لمصر الناس مع "ميسان حسن" مديرة البرامج في مؤسسة المرأة والذاكرة، ذكرت أن المؤسسة بهذا المعرض تهدف إلى إلقاء الضوء على الحراك النسوي، وتوثيق حيوات النساء المناضلات والناجحات في مجالات مختلفة، وحكي حياتهن من خلال متعلقاتهن الشخصية، وعن اسم المعرض "أنا بخير.. اطمئنوا" قالت ميسان أن هذه الجملة مُقتبسة من مذكرات إحدى النساء في المعرض "وداد متري" المناضلة من أجل حقوق النساء عندما أرسلت رسالة من السجن لطمأنة الجميع عليها لتكتب لهم "أنا بخير.. اطمئنوا".



وقالت "عاليا المراكبي" الطالبة بالصف الثالث في قسم الأنثربولوجي بالجامعة الأمريكية، أثناء عرضها كلمة في افتتاح المعرض، أن عشرين شخصًا من خلفيات أكاديمية وبحثية مختلفة قاموا بالإعداد لهذا المعرض، لجعله مُلهمًا لغير المتخصصين، وقادرًا على حكي حيوات النساء المؤثرات، ومن ضمن هذه التخصصات المختلفة: تخصص العمارة والمتاحف وتصميم الجرافكس والعلوم الاجتماعية.

الحفل الافتتاحي للمعرض على مسرح الجامعة الأمريكية

وفي أثناء الحفل الافتتاحي للمعرض على مسرح الجامعة الأمريكية بالفلكي لم تكن النساء فقط هن موضوع المعرض، بل كن أكثر الموجودات والمتحدثات، بل لم يكن الأمر كذلك فحسب بل تعداه لأنّ يكون معظم الوجود الإعلامي لتغطية المعرض  نساء، حتى عندما خرج رجلاً وحيدًا للحديث في الحفل الختامي لم يكن وحده على المسرح، إذ كان هناك مصورتين يلازمنه الحضور وكأن النساء بغير قصد يردن أن يبعثن برسالةٍ خفية مفادها "اطمئنوا ..نحن بخير وقادمات" ومن المقرر أن ينتقل المعرض في محطاته القادمة إلى لبنان والأردن والدنمارك ليعود مرة أخرى للقاهرة في نهاية هذا العام.

فستان للفنانة الراحلة هند رستم
 ومن ضمن النساء اللاتي يعرض قصص حيواتهن المعرض، هند رستم التي لفت فستانها أنظار الجميع، فضلاً عن مقتنياتها الشخصية من حذاء وقبعة ونظارة شمسية وأدوات تجميل، وكذلك مجموعة مقتنيات السيدة ملك حفني ناصف التي تعد أول فتاة مصرية تحصل على الشهادة الابتدائية، وأول امرأة مصرية نادت بمساواة المرأة بالرجل.

بعض مصنوعات الفخار الموجودة في المعرض

وبعض مصنوعات الفخار المصنوعة بدقة ومهارة لصانعة الفخار "راوية محمد" التي أحدثت ثورة في صناعة الفخار في مصر، زي تقليدي مُطرز ومشغولات التطريز لأم إبراهيم الفلسطينية مع لمحة عن أنها تعاني الآن لعدم مقدرتها على استكمال حياتها اعتمادًا على هذه المهنة، وضمن الحاضرات في المعرض بقصصهن ومقتنياتهن أيضا السيدة حياة شريف وبلسم أبو روز ومايسة مصطفى وندى عبد الرحمن وسعدية حسين وغيرهن.


الاثنين، 1 مايو 2017

مهرجان الطبول .. رسالة سلام عالمية لم تلق الترويج الذي تستحقها

صور أرشيفية

كتبت - حنان فوزي الميهي

قديمًا تغنى الشعراء بجملة "دقت طبول الحرب"، وتصدر بها بيرم التونسي في أوبريت شهرزاد عام 1921، حين غنت فرقة سيد درويش "دقت طبول الحرب يا خيالة وآدي الساعة دي ساعة الرجالة"، وكل ثقافات العالم أجمعت أن الطبول ما هي إلا نذير حربٍ. ولكن كان لمهرجان الطبول رأيًا آخر في هذه العبارات.


 حملت الطبول على عاتقها هذه المرة راية السلام بدلاً من نذير الحرب، وكانت مرآة لثقافات الشعوب بعد أن ظلت لأكثر من 6000 عام تُدق كدعوةً من الآلة عند المعابد ليجمع بها الكهنة العُباد أو الجنود للحروب حتى جاء الفنان "انتصار عبد الفتاح" باقتراحه مهرجانًا للطبول عام 2013. 


ومنذ ذلك الحين للآن يُقام مهرجان الطبول الدولي تحت شعار "طبول من أجل السلام"، وتشارك في هذا المهرجان الدولي العديد من الدول كل عام، فقد شاركت في دورته الأولى بلادٍ عدة؛ فقد جاءت ثقافات القارة السمراء متمثلةً في عروضها، وحضر فلكلور جليد روسيا وكذلك طبول اليونان التي لطالما دُقت لزيوس جاءت كل هذه الثقافات وغيرها لتدق للسلام على أرض مصر.

ومع نجاحات المهرجان واصل تقدمه حتى الدورة الخامسة له في عام 2017، ووسط ما تشهده البلاد من توتر أمني، أقيم المهرجان في القاهرة ليؤكد أن الفن باقٍ وقادر على أن ينتزع ضحكاتٍ مُبهجة من وجوه المصريين وكل من حضر المهرجان من دول العالم، فقد تم تقديم أكثر من 70 عرضًا فنيًا في سبعة أماكن في مصر، وحضر الآلاف من المصريين هذه العروض ببهجة افتقدوها في روتين يومهم العادي.


وكانت الإكوادور هي ضيف شرف المهرجان، لتعلن عن دخول قارة أمريكا الجنوبية في هذا المهرجان الدولي الذي مازال يحبو في سنواته الأولى ويفتقد الكثير من الترويج، ورغم ذلك فقد حضره في هذه الدورة 30 دولة من مختلف أنحاء العالم، ليقدموا ثقافاتهم عبر قرع الطبول وعزف موسيقاهم المتباينة الأنماط والأصوات.


وقد عزف المشتركون تراثهم في عدة أماكن، كان أبرزها شارع المعز، فرغم هذا الهدوءٌ المصبوغ بنكهات التاريخ الإسلامي، حيث سكن السلاطين والملوك والأمراء، فهذا قصرٌ مشيد، وتلك مقامٌ مُزخرف ينام تحته وليٌ أو سلطان، أو مملوك جاء من بلدٍ بعيد فتحول إلى والي أو أمير، وهذا حال كل من يأتي مصر، فعندها كما قالوا تتمصر الأشياء، وتتحول كما لم تتحول من قبل، ففي وسط هذا الهدوء النسبي الذي يشهده شارع المعز جاءت الطبول لتقلب الوضع رأسًا على عقب، فهنا كانت الأصوات تتداخل لتعلن عن مهرجان عالمي لم تسنح له الفرصة ليرى النور ويأخذ حقه في مصاف المهرجانات العالمية، فمن بين المهرجانات العالمية الشهيرة كمهرجان التراشق بالطماطم بإسبانيا، ومهرجان المصابيح في تايلاند وغيرها، يأتي مهرجان الطبول بنكهةٍ عالمية فلكلورية خاصة، إذ تمتزج فيه الثقافات الفرعية لأماكن شتى تُعبر عن نفسها فقط بالموسيقى الشعبية ذات الطابع المميز لكل بلد على حدى.


وبينما كانت تشارك دول العالم بتراثها المتنوع، شاركت مصر بتراثاتها المتنوعة، فلم تكتف مصر بعرض نموذج واحد من الفلكلور، بل عرضت العديد والعديد من العروض والثقافات المتمايزة من فلكلور نوبي وصعيدي وبحراوي وبدوي وغيرها العديد من الثقافات المتنوعة التي تتميز مصر باحتوائها في بوتقة ثقافية فريدة من نوعها.



وفي ختام المهرجان كان للأقصر نصيبًا من هذا العرس الثقافي، إذ احتفلت الطبول بها كعاصمة للثقافة العربية لعام 2017 ولكن على طريقة الفلكلور العالمي للموسيقى، كل بلدٍ حسب ثقافته، وكأن هذا الحفل يمزج كل ثقافات العالم وتاريخه معًا في بلدة من أقدم بلاد الحضارة البشرية كافة، واشترك السياح في هذا المرجان الدولي المُبهج بوجوه ملؤها الأمل والأماني بأن يتثنى لهم العودة في العام القادم لكي يشتركوا في هذا المهرجان مرة أخرى في ظروف أكثر أمانًا واستقرارًا، وبمشاركة ودعايا تأتي حقًا على قدر هذا المهرجان الفريد من نوعه.