السبت، 13 أغسطس 2016

ليلي الراعي: وسائل الإعلام والسينما شوهت عقول الأطفال



كتبت-نورهان دسوقي، هاجر البلتاجي، نرمين عصام

شاشة صغيرة تُشع منها أضواء وألوان زاهية، باتت تجذب العيون وتشغل العقول حيث تأخذها لعالم افتراضي، يُناقض مشاهد قديمة كان يقتصر استمتاع الأطفال فيها على متابعة برامج متلفزة أو شراء مجلات كارتونية مسلية بأيام العطلات، الأمر الذي أدى لاختلاف وسائل التسلية المتعارف عليها، والتي باتت مهددة بالانقراض وأبرزها مجلات الأطفال، ذلك بعدما غزت التكنولوجيا نمط الحياة الترفيهية للأطفال.

"مصر الناس" التقت ليلى الراعي، رئيسة تحرير مجلة علاء الدين الموجهة للأطفال، وهي إحدى إصدارات مؤسسة الأهرام؛ للاطلاع على خبراتها ورؤاها بشأن صحافة الأطفال والارتقاء بثقافتهم.

 ثقافة الطفل

قالت "الراعي" إن صحافة الأطفال تواجه تحديًا كبيرًا الآن، حيث سيطرت التكنولوجيا على عقولهم بشكل كبير فهم يجلسون أمام الشاشات الصغيرة بالساعات الطويلة مع العزوف عن القراءة.

وأضافت، كما أن وسائل الإعلام والسينما شوهت عقول وبراءة الأطفال بما تقدمه من مضامين لا تناسبهم بجانب استغلالهم لإنتاج أفلام وإعلانات بشكل غير مناسب.
وشددت على أن مؤسسة الأهرام تؤمن بثقافة الطفل وتدعمها فهي لا تهدف للربح، إنما لتثقيف الطفل على الرغم من عدم موازنة تكاليف طباعتها مع حصيلة الأرباح التي تحققها، فسعر نسخة المجلة لا يتجاوز الخمسة جنيهات.

قسم صحافة الطفل في مؤسسة الأهرام

فكر معانا

وظهرت مجلة علاء الدين عام 1993م، لتُحيي صحافة الطفل بشكل يواكب تغيرات العصر، فهي أول مجلة مصرية يتم تجميعها وطباعتها بالكومبيوتر حتى أصبح لها موقع خاص على شبكة الإنترنت.

وحول ما تعتمد عليه المجلة لتطوير محتواها، قالت "الراعي": "ندعم المجلة برسامين وكُتاب سيناريو محترفين من الخارج، فضلًا عن كُتاب المجلة، والاستعانة بكوادر شابة واستخدام فنون حديثة مثل فن الكوميكس".

وأكدت أن فريق عمل المجلة يبذل محاولات كثيرة؛ للتغلب على ما تفسده وسائل الإعلام في الأطفال من خلال عرض بعض المشكلات الاجتماعية مثل الطلاق وجعل الطفل يشارك في حلها من خلال باب بعنوان"فكر معانا".

ولفتت إلى إضافة كُتيب تسالي للمجلة وبعض الأبواب الجديدة التي تستهدف جذب انتباه الأطفال للقراءة مثل لقطات من الأدب العالمي.

وتقتدي مجلة علاء الدين بالمجلات الأجنبية في التصميم والألوان والصور لتسهيل توصيل الأفكار وجذب انتباه الأطفال مع الالتزام بالهوية المصرية للمجلة.

واختتمت "الراعي" حديثها قائلة: "رغم كل هذه التحديات الناتجة عن التطور التكنولوجي إلا أنه لا يلغي صحافة الطفل".

يُذكر أن صحافة الطفل في مصر بدأت على هيئة مطبوعات تعليمية بحتة توجه للأطفال واستمرت قرابة الثلاثين عامًا إلى أن ظهرت أول مجلة للأطفال ذات طابع تجارى حملت اسم "الأولاد" عام 1923 ثم توالى ظهور المجلات مثل "السندباد" و"بابا صادق" و"علي بابا والبلبل".

الخميس، 11 أغسطس 2016

قصة حب في الكنيسة الألمانية البروتستانتية بالقاهرة

محررات مصر الناس في حوارهم مع مدام حسيب

كتبت: "جهاد الصياد، أحلام المنسي، سمر بهنساوي، دينا العقيلي، نورا أحمد"

"سأترك ألمانيا لأعيش في مصر". كلمات نزلت كالصاعقة على أهلها عندما أخبرتهم بإعتزام السفر وترك كل شيء ورائها في بلدها، وعند سؤالها عن سبب التغير المفاجىء جاءت إجابتها ببساطة ووضوح: " لاجل الحب".

إنها مدام "حسيب" (كما طلبت أن نسميها ووناديها بهذا اللقب المحبب إلى قلبها) السيدة الألمانية التي استسلمت لدقات قلبها ومعها تغيرت مجريات حياتها. يميزها بساطتها وجمال ملامحها المفعمة بالحيوية ووجود خطوط بوجهها تعكس عدم مفارقة الإبتسامة لها، رغم اقترابها من مشارف الثمانين عامًا.

عادت بذاكرتها للوراء، وروت أنها كانت في الثمانية عشر من عمرها تعيش حياة مستقرة في ألمانيا حتى جاء "حسيب" ذلك الشاب المصري المسلم ليُكمل دراسته بإحدى جامعات بلدها في مجال الزراعة، وتقابلا وسرعان ما نشأ الحب بينهما وقررا الزواج، لتتنقل فصول القصة فيما بعد إلى مصر.

تنهدت وهي تنظر في اتجاه الصليب داخل الكنيسة الألمانية الكائنة في شارع الجلاء حيث قابلناها قائلة: حسيب هو إللي جابني هنا بعد ما عرِف إن الكنيسة ألمانية - برتوستانتية عشان محسش بالغربة لأن كل إللى هنا ألمان وبناكل وبنغني ونتكلم ألماني".

من داخل الكنيسة الألمانية البروتستانية

والكنيسة الألمانية تم بناؤها عام 1912 ميلادية، ويتسم معمارها بالبساطة ويعد أهم ما يميزها وجود آلة "الاورغن" وهي واحدة من الآلات الموسيقية المعروفة في أوروبا ويُستعان بها في ترانيم الصلاة.

ويشبه "الأورغن" آلة البيانو ويتصل بأنابيب معدنية هوائية تملأ أرجاء الكنيسة بالموسيقى، وأحيانًا تستخدمه فرق الأوبرا لإقامة حفلات موسيقية داخل الكنيسة.

وقالت مدام حسيب، أن رغم وجود نحو 2500 ألماني في مصر إلا أنه لم يعد يقبل الكثيرين على الصلاة في الكنيسة بسبب بعدها عن مقار إقاماتهم ولتفادي ازدحام العاصمة، مما يضطر القسيس أحيانًا إلى الصلاة بها بمفردها لعدم حضور غيرها وذلك مراعاةً لارتباطها بالكنيسة وكبر سنها وتقديرأً للمسافة الطويلة التي تقطعها "مدام حسيب " للمجئ إلى الكنيسة وهو ما يخالق طقوس الصلاة المعتادة حيث يستوجب حضور عدد من الأفراد.

هذه الكنيسة تفتح أبوابها دائما للمسيحيين الألمان بل وغير الألمان أيضًا فيأتى إليها مصلين من جنسيات مختلفة مثل الأريتريين والأثيوبيين حيث يقبلون للصلاة في الكنيسة وإقامة شعائرهم فيها خاصة وأنه لا توجد كنيسة مستقلة لهم في مصر. ويأتي هؤلاء في أيام مختلفة عن تلك التي يصلي فيها الألمان حتى يستطيعوا القيام بطقوس بلدانهم التي تختلف عن طقوس المسيحيين البروتستانت. 

وذكرت مدام حسيب وأسمها الأصلي " روز"، أن الكنيسة هادئة مستقرة طوال الوقت لم يعكر صفوها سوى ماحدث عند تفجير القنصلية الإيطالية التي تقع على بعد أمتار قليلة منها والذي أسفر عن تهشم الزجاج الملون المزين به جدران الكنيسة.

و قالت بلهجة عربية ركيكة لكنها محببة للقلب " الكنيسة كان هادى كتير ولما إتفجر القنصلية هنا قريب آثرت على جدران الكنيسة وكان في زجاج ملون حلو كتير مميز لأنه قديم مفيش حد يعرف يعمل زيه دلوقتى كله إتكسر، بس إتكلمنا مع المسؤلين في ألمانيا وقمنا بإصلاحه ". 

وعادت مدام حسيب مجددًا تتحدث عن حب العمر الذي دفعها لإتخاذ قرارًا قاسيًا بترك وطنها وأهلها إلا أنه كان الدواء الذي خفف داء الغربة خاصة بعدما أنجبت أبنائها الثلاثة يونس وجيهان ومريم.

أما عن صعوبة الحال في مصر عند وصولها قبل قرابة نصف قرن، تقول: "عملت كل حاجة في البيت من غير ما حد يساعدني، واتعلمت الطبيخ المصري واشتريت القماش علشان أفصل الفساتين اللى مش موجود هنا ليا وللبنات "

وأضافت وابتسامة عريضة تعلو شفتيها "أنا أم شاطرة أنا عملت كل ده عشان بحب حسيب ومش قدرت أسيبه".

ولا تنكر روز مرورها بلحظات تسلل فيها الشعور بالندم إلى نفسها لترك وطنها حيث تمنت العودة إليه، وقالت في هذا الإطار " الحياة مش كله حلو ساعات في أيام صعب وحسيب مرتبه كان قليل والعربي كمان صعب عليا حتى لغاية دلوقتي، كمان مصر زحمة أوي ولما باجي الكنيسة من بيتي في الدقي بيكون الوقت طويل خصوصا يوم الأحد عشان الصلاة وافتكر في مرة سبت عربيتي في الدقي ومشيت لغاية المترو عشان الزحمة ".

وعلى المستوى الإنساني واظبت مدام "حسيب" على المشاركة في الأعمال الخيرية حيث كانت تصنع "الكيك" وتبيعه في "البازار" الذي تقيمه الكنيسة في المدرسة الألمانية بالدقي والذي يشارك فيه نحو 4 آلاف شخص سنويًا وذلك قبل أعياد "الكريسماس"، ويتم التبرع بالربح للمؤسسات الخيرية المصرية.

وعلى الرغم من كل الأحداث والتغيرات التي عاشتها "مدام حسيب" في مصر ومن سفر أولادها للعمل بألمانيا ووفاة زوجها المصري –منذ ستة أشهر- إلا أنها لم تفكر بعد في العودة إلى ألمانيا، وقالت: "بحب مصر دي بلدي".

"الحاج بلبل" وسيطا بين تحف الباشاوات وعشاق الأنتيكات

تصوير - حنان فوزي الميهي

كتبت: حنان فوزي الميهي

"جدي اشتراه بـ 500 جنية" هكذا بدأ شريف بلبل مدير محل الحاج بلبل للأنتيكات حديثه عن عراقة المكان، فعند وقوفك أمام هذا المحل تجد على يمينك حارة الصالحية وخلفك خان الخليلي وعلى يسارك مُفترق طرق لشارع المعز وشارع الصاغة، فحولك من كل الاتجاهات تاريخٌ نابض وأمامك يكمن تاريخٌ للبيع.

بدأ هذا المكان منذ ما يزيد عن الخمسين عام، فبعد أن اشتراه الحاج بلبل من أحد اليهود قبل أن يسافر مغادرًا البلاد بمبلغ 500 جنيه؛ بدأ ببيع النحاسيات والفضيات المُصنعة يدويًا، ثم اتجه النشاط الى التجارة في الانتيكات والتحف الأصلية التي تبلغ أعمارها في بعض الأحيان مئات السنوات.

وتتنوع القطع الأثرية التي توجد في المحل؛ من مقتنيات القصور التي قرر أصحابها التخلي عنها، وبعض القطع التي تُعرض في مزادات علنية بأوراق رسمية، وكذلك المقتنيات القديمة التي لم يعد لها مثيلاً الآن، والتي قد يراها البعض ليست ذا قيمة ولكن لهذه القطع من يأتي من جميع أنحاء العالم بحثًا عنها والحرص على اقتناءها بمبالغ باهظة الثمن. 

ويلفت الانتباه كثرة القطع المعروضة وتنوعها ما بين إبريق المياه الذي كان مستخدمًا لغسيل الأيدي، وأُطُر لوضع الصور، وبلاليص العسل، وصُلبان الكنائس، ومباخر المساجد، ودوارق المياه، وأكواب وجِرار وأدوات المطبخ عتيقة النشأة، وفوانيس الاضاءة، أيضا علب المجوهرات من الفضة المرصعة بالأحجار الكريمة، بالإضافة إلى التحف المصنوعة بشكل فريد الطراز وكانت معروضة في قصور الباشاوات.


ففي المحل الذي لا يتجاوز الأمتار الثلاثة عرضًا ومثلهم طولاً تجد العديد من القطع المختلفة والتي تظهر كمزيج فريد التكوين، إذ تجد الاواني النحاسية التي يقنعك البائع المثقف بشرائها بثمنٍ باهظ رغم منظرها الرث وهيئتها القديمة فضلاً عن عدم الحاجة إليها، ففي حكاياته الشيقة عن كيف كانت هذه الأواني هي كل جهاز العروس منذ ما يزيد عن قرن ونصف من الزمن ما يجعل المشتري مُستضئلاً عدة آلاف جنية في مقابل اقتنائها كزينة في بيتٍ فخم.


وبمجرد معرفة المشتري أن هذه الملاعق والسكاكين كانت في قصرٍ فرنسي ويأكل بها الباشاوات طعامهم؛ يجعله يدفع فيها ثمنًا لا يتناسب مع شكلها لأول وهلة، وفي إطار صور قديم كانت صورة لأحد أميرات الأسرة العلوية تعود لأكثر من مائة عام، لذا ففي وضع أحدهم صورة له أو لأحد أفراد أسرته شرف يساوي مبالغ ليست بقليلة، هكذا يقنعهم البائع المثقف "شريف" بشراء تلك الأشياء القديمة، ففي كل قطعة في هذا المكان تكمن قصة، وفي كل قصة يكمن شغف اقتناء تلك القطع من المهتمين بتجميع هذه الأشياء القديمة.



وأثناء استرسال شريف في حديثه عن كيفية حصوله على تلك المقتنيات وكيف يُفرق بين الأصلي منها والمُقلد، يستوقفنا حديثه عن المُشتريين، إذ قال لمصر الناس بالنص: "أنا ببيع لمصريين وأمريكان وانجليز ومن الخليج وأوكرانيين وجنسيات أخرى لكن عمري ما أبيع لحد صيني" ووصف إصراره على عدم البيع للصينيين؛ أنهم يقومون بتقليد الأنتيكات وبثها في الأسواق بشكل تقني عالي مما يقلل من نُدرة هذه القطع ويضيع بهاءها.

سلطانية عمرها 150 عام
إبريق مُرصع بالذهب





















وفي شكل آخر من كيفية الاستفادة من القطع الموجودة في المحل قال شريف لمصر الناس أن بعض مُنتجي السينما يستعينون بإيجار الأنتيكات الموجودة في المحل لتصوير الأفلام والمسلسلات. وهذه الوسيلة الأخيرة تعد الأكثر رواجًا الآن خاصةً بعد الأحداث الاقتصادية التي تشهدها البلاد من ركود سياحي وتجاري كبير، كان له بالغ الأثر على تجارة كتجارة الأنتيكات والتحف.