الثلاثاء، 9 يوليو 2019

«الفراعنة» أول من عرفوا صناعة الكعك


مصر الناس
كتبت-زينب محسن
اعتاد المصريون استقبال عيد الفطر بـ"صواني" الكعك والبسكويت والبيتفور، وهي عادات قديمة يتوارثها الأجيال ولا يمكن الاستغناء عنها.
 ومن أشهر مظاهر الاحتفال بالعيد هو تحضير الكعك بكل أنواعه حيث تتجمع العائلة في الأسبوع الأخير من رمضان ويأتي الأطفال حاملين الصاجات للأفران لتنتشر رائحة الحلويات في أرجاء الشوارع والأزقة.
ويعتقد الكثيرون أن "كعك العيد" بدأ في مصر مع بداية العصر الفاطمي، ولكن الحقيقة التاريخية تؤكد أنه بدأ قبل ذلك بكثير، وتقر بأنالفراعنة هم أول من عرفوا صناعة الكعك؛ حيث كان الخبَّازون في البلاط الفرعوني يجيدون صنعه بأشكال مختلفة؛ اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير.
وكان القدماء يصنعون الكعك بالعسل الأبيض ودقيق القمح والسمن ويرسمون عليه صورة الشمس، ويضعونه في المقابر الفرعونية، فيما كانت زوجات الملوك يقدمنه للكهنة الحارسين للهرم خوفو في يوم تعامد الشمس على حجرة "خوفو".
ولكعك العيد أصول قديمة مرتبطة بموسم بذر البذور، إذ كان يُصنع من الدقيق والسمن مع وضع كميات من العسل على شكل قرص وفي الوسط علامة "حتب".
وكلمة كعك أصلها هيروغليفي وتعني النقوش، ووردت صور مفصلة عن صناعته على جدران مقابر "منف"، و"طيبة"، و"رخمي-رع" من الأسرة الثامنة عشر، توضح طريقة خلط عسل النحل بالسمن ثم صبه على الدقيق حتى تكون عجينة لينة يسهل تشكيلها.
ولم يقتصر الأمر في صناعة كعك قدماء المصريين على الأعياد فقط، بل كان هناك نوعًا مخصصًا لزيارة المقابر ويطلق عليه حاليًا "الرحمة أو الفتوت"، ويشكل على هيئة تميمة ست "عقدة إيزيس"، وهي من التمائم التي تفتح للميت أبواب النعيم.
وفي عهد الدولة الطولونية، صنع القدماء الكعك في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل وأشكر"، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر خلال تلك الفترة.
أما في عهد الدولة الإخشيدية، صنع أبو بكر محمد بن علي المادراني، وزير الدولة، كعكًا في أحد الأعياد ووضع داخله دنادير ذهبية، وأطلق عليه حينذاك "كعكة انطونلة".
بينما في عهد الدولة الفاطمية، خصص الخليفة الفاطمي ما يقرب من 20 ألف دينار لصناعة كعك عيد الفطر، وتفرغت المصانع من منتصف شهر رجب لخبزه وملء مخازن السلطان به، الذي قد تولى عملية توزيعه.

الاثنين، 8 يوليو 2019

معبد الطود بالأقصر.. شاهد على التاريخ يعاني الإهمال وينتظر الزائرين مقابل 10 جنيهات

مدخل معبد «الطود الأثري» بمحافظة الأقصر

كتبت- أسماء باسل
الأقصر تلك المحافظة التي حملت أوجه التاريخ المصري القديم ما بين عَبَقه وسجالاته، معاركه وفنونه تجلت معالم حضارية لا يعلم أحد عنها شيئًا حتى الآن.
ومن قلب هذه المعالم يأتي معبد الطود الذي يبعد 16 كيلو مترًا عن مدينة الأقصر، ملوّحًا عن صورة قديمة أخرى لحياة الأجداد في مصر القديمة.  
وقد بُني معبد الطود في عهد الاسرة الرابعة، لعبادة الإله "مونتو" إله الحرب، وهو الإله الذي عُبد في جنوب طيبة بمدينتي الطود وأرمنت، واعتمد في بناؤه على الحجر الرملي؛ لقربه من محاجر الحجر الرملي في إدفو بأسوان؛ كما استُخدم أيضًا لسهولة الحفر والكتابة عليه، ومن ثم تلوينه بحجر البازلت والجرانيت.
والطود كلمة عربية تعني الجبل الشاهق في الارتفاع، إذ توجد إلى الآن منطقة صحراوية تُسمى هضبة الطود وهي منطقة مرتفعة عن مستوى سطح المدينة.
تصميم المعبد
ويتميز مدخل المعبد الذي اكتشفه العالم الفرنسي "بيسون" عام 1963 ميلادية، بمدخل شاهق الارتفاع على هيئة صرح، في قمته مرسوم طائر كان يُسمى "نخبت" على هيئة جناحين يتوسطهما قرص الشمس، وقرص الشمس في مصر القديمة كان يرمز إلى الإله رع، والجناحين يرمزان إلى الحماية، أي أن المعبد في حماية الإله رع.
وأبواب المعبد بنفس ارتفاع المداخل وكانت معظم الأبواب في مصر القديمة مصنوعة من شجر الأرز المغطى بصفائح ذهبية، ويُذكر أن خشب الأرز كان يتم جلبه من لبنان.
وبدأ ظهور منطقة الطود على الخريطة في الدولة القديمة بحقبة الأسرة الرابعة التي تلي عصر بناة الأهرامات، وتحتضن شواهد حضارية وتاريخية لحقبات مختلفة من التاريخ الإنساني في مصر القديمة وما تلاها من عصور وحضارات.
ويعد أقدم آثر في مدينة الطود يلي معبد الطود من حيث الأهمية والقيمة التاريخية، دير القديسين الذي يعود إلى الحقبة القبطية في مصر، ثم الجامع العَمري، والذي سُمي بذلك نسبة إلى عمرو بن العاص، ويرجع تاريخه إلى عصر الفتح الإسلامي في مصر، ثم تم تجديد هذا المسجد ولم يعد أثرًا.
مفتاح الحياة
وعلى جدران وأحجار المعبد تنتشر النقوش التي كانت تُشكل عدة معاني عند الفنان المصري القديم، فعلى سبيل المثال، الصولجان كان يرمز إلى مدينة واست أي طيبة أو الأقصر الآن، مفتاح الحياة الذي كَثُرت حول مدلوله روايات الأثريين لعل أشهرها أن خريطة مصر التي يحدها من الشمال منحدر الدلتا ثم في الوسط العاصمة ثم شريط الوادي الممتد من الشمال إلى الجنوب، ترمز إلى شكل مفتاح الحياة.
بينما رسومات الخرطوش ترمز لعدة معاني بحسب شكله، فإذا كان الخرطوش فارغًا فإنه يرمز إلى العصر الروماني اليوناني، إذ أن روايات الأثريين تُرجِع سبب ذلك إلى الفنان المصري الذي كان ينقش على الأحجار، أملًا أن يتولى حاكم مصري الحكم، فكان يرجئ كتابة اسم الملك الحاكم على الخرطوش ليتركه فارغًا من دون اسم.

وخضع المعبد إلى مراحل تطوير مختلفة بدأت منذ تشييده في الأسرة الرابعة، ويتضح ذلك من خلال النقوش والرسومات المرسومة على الأحجار، والتي تشير إلى اسم بطليموس وكليوباترا ورسوم الخرطوش الفارغ التي تعود إلى العصر اليوناني.
ويُّذكر أن المعبد تعرض لإهمال مُتعمد على خلفية أفكار عقائدية متشددة إبان العصر المسيحي والإسلامي في مصر، حتى أن بعض النقوش في المعبد مُمحاة بآلة كما أن أعمدة الجامع العمري الذي بُني بعد الفتح الاسلامي بُنيت من أحجار المعبد.
 وكان وزير الآثار، الدكتور خالد العناني، قد أعلن في تصريحات صحفية، في أثناء جولة تفقدية للمعبد، احتياجه لميزانية ضخمة تدعم أعمال شفط المياه الجوفية التي تُصيب بنية بناؤه وتهددها وأعمال الصيانة التي يحتاجها كونه يتعرض للاهمال، كما طالب بتسجيل قطع آثرية وجدها ملقاة على أرضية المعبد في سجلات المخازن خشية تلفها وسرقتها.
 والمعبد مفتوح أمام السائحين والمهتمين، مقابل تذكرة قيمتها 10 جنيهات، يتم شرائها من معبد الأقصر، الكائن على كورنيش المحافظة ثم يمكن استقلال سيارة أجرة للوصول إليه.



جولة لـ«مصر الناس» في معصرة زيوت يونس بقنا

أداة إنتاج الزيوت

كتبت- أسماء باسل
في مركز قوص، جنوب قنا، تقع بحوالي 40 كيلو مترًا، حينما تستقل القطار من المدينة متجهًا إلى قوص، فلا تلبث أن تستغرق رحلتك 30 دقيقة فقط، أما إذا أردت أن تركب سيارة مارًا بالقرى الواقعة على أطراف المدينة فإن الوقت سيزيد 15 دقيقة أخرى، لتجد نفسك في قلب المدينة، خلفك مُجمع السيارات المتجهة لباقي أطراف المدينة، وأمامك معصرة يونس، الشهيرة ببيع الزيوت الطبيعية.

 كان لـ"مصر الناس" جولة داخل المعصرة؛ لنعرف كيف حافظت على بقاءها حتى الآن.
 قال الحاج محمد يونس، الوريث الأخير للمعصرة، سبعيني: "إن المعصرة متوارثة منذ 200 عام، كما كان يوجد في المدينة حوالي 13 معصرة أخرى، لكنهم اختفوا تدريجيًا وبقيت منهم معصرة يونس للزيوت الطبيعية، وذلك يرجع إلى ظهور المصانع بديلً لتلك المَعَاصر، لكننا استمرينا في البقاء حفاظاً على إرثنا ولأنه لازال هناك من يهتمون باقتناء الزيوت الطبيعية".
وتابع: "كان يتحدد نوع إنتاج الزيوت بحسب المنطقة الواقعة فيها المعصرة، فالمناطق الشمالية كانت تنتج الزيت الحار، المستخرج من نبات الكتان، أمّا المناطق الشرقية فكانت تنتج زيت الزيتون لتوفره فيها، والمناطق الجنوبية ـ مثل معاصر قوص ـ كانت تعتمد على إنتاج زيوت الطعام، أو الزيت البارد مثل زيت الخس، وزيت السمسم بجانب زيت الزيتون، والكتان".

وحكى أن المعصرة تحتوي على أداة قديمة جدًا، يتم إنتاج الزيوت بواسطتها، وهي "الصحن" يصل ارتفاعه مترًا، وقطره حوالي مترين، به حجرًا من الجرانيت بشكل رأسي يشبه عجلة القيادة، يعلو هذا الحجر عدد من قطع الأخشاب المتدلية من أعلى إلى أسفل، لكي يتم ربط هذه الأخشاب بـ"البقرة"، والتي بدورها تدور حول الصحن، لتقوم بطحن البذور عن طريق تحريك الحجر حول البذور الموضوعة في الصحن.
وأكمل: "تستمر عملية الطحن لساعتين، وتختلف المدة تبعًا لنوع النبات، حتى تصبح البذور عجينة جاهزة لمرحلة العصر، ومن ثم وضع العجينة في عبوات خاصة تحت المكبس، وتظل العبوة يوم أو أكثر حتى تتخلص من بقايا العجين، ويصبح الزيت جاهزًا للاستخدام، فهي صناعة عن طريق العصر اليدوي على البارد، بدون معاملات حرارية أو كيميائية".

 وعن أهم الزيوت، أوضح: "تعتمد بشكل أساسي على إنتاج زيت حبة البركة لاستخدامه كعلاج، ثم زيت الزيتون، ثم باقي الزيوت وذلك حسب نسبة الاستهلاك، ووضعها الاقتصادي الآن ليس أفضل مما مضى، مما دفع أصحابها إلى تطوير نشاطهم عن طريق بيع منتجات أخرى لها علاقة بالأعشاب مثل الزيوت المصنعة، كزيت الطعام، وزيوت الشعر، والبشرة، والحناء، والبخور، والعطور المستوردة".








ضمن حملة «احكي حكايتها» أسماء باسل تكتب: لماذا يلجأن النساء إلى التشهير الإلكتروني

أسماء باسل

أسماء باسل
رغم صعوبة فعل التشهير كخيار يأتي بعد محاولات عديدة من البحث عن مخرج آمن يضمن عدم التعرض لمخاطر متوقعة بعد كل حادث اعتداء أو تحرش أو ضرب أو اغتصاب أو ضغط أو غيرها من أشكال العنف ضد النساء، والتي تجعلهن ضحايا "مُغريات" للمعتدين أثناء وقوع الحادث، وضحايا "مُذنبات" في عين المجتمع بعد وقوع الحادث، لينتهي الأمر إلى صور متسلسلة من التنازلات غير الإرادية، والتي تكونت بفعل الخوف، والوصم، وغياب القانون، وعدم الوعي، واستباحة النساء، ثُم ترهيبهن وتهديدهن إذا فكرن في البحث عن طرق قانونية يثبتن بها تعرضهن للعنف الجسدي/النفسي.
وفي غالب الأمر، فإن القوانين المختصة بقضايا العنف ضد النساء في مصر هي قوانين حديثة التطبيق، ووُلِدَت من رحِم المطالبات التي أعقبت حوادث اعتداء، أو محاولات وعي جديدة أرادت أن يحل القانون المدني محل العقوبات العُرفية التي كانت تصدر من شيخ الحارة، أو الجيران، أو العمدة، أو المارة، ليصبح هؤلاء الآن أيادي تحاول إبعاد المتحرش أو المعتدي عن دائرة الواقعة، كأنه ضحية وقع عليه ظلمًا، ولابد من تخليصه وإنصافه!
إذًا لا قوانين صارمة تخلِق لدى النساء رغبة للجوء إليها كـ حل أول، ولا قوانين عرفية عادلة، ولا شارع يضمن أمان النساء في المجال العام، ولا منزل آمن يمنع وقوع عنف عليهن؛ ولا الحق في مساحات وقرارات شخصية بحتة، ولا ضمانات تحمي النساء من الوصم والترهيب والتراجع إذا قررن اللجوء إلى طرق عملية يُفترَض فيها العدل كالمحاكم، والتي تبدأ بسلسلة من الضغوط حتى لا يتم تحرير محضر تحرش.
مرورًا بمرحلة سابقة في الشارع أشبه بالحرب إذا صممت الشاكية إلى اقتياد وتسليم المتحرش إلى القسم، لتواجه محاولات عتيدة من مارة في الشارع يحاولون تهريب المتحرش، هؤلاء المارة لا يتدخلون إلا في اللحظة التي تقرر فيها النساء أخذ رد فعل!
ربما هذه بعض من أسباب كثيرة أخرى لا تجعل النساء لديهن استعداد لمقاومة كل هذه العقوبات لكي يحصلن على حقهن بالقانون، ويضطررن للجوء إلى الإعلام أو السوشيال ميديا أو أفلام التوثيق، سواء بالكشف عن هُويتهن أو حجبها، لتسجيل ما يحدث لهن من وقائع اعتداء بأقل خسائر، وهذا يعطي زخم للقراءات وأرشيف الاعتداءات ولكن لا ينصف النساء قانونيًا وتظل الحكايات ينقصها شق التحقق والتصديق على الوقائع لحفظها حقوقيًا وتاريخيًا، ولكن كيف ذلك في ظل كل العقبات التي تشوب هذا المسلك!
طريق السوشيال ميديا أسهل وأسرع من القوانين والمحاكم، برغم عدم إمكانية التأكد من صدق جميع القصص الواردة فيه، إلا أنه طريقة فعالة في خلق ضغط عام حول القضايا المتعلقة بفضح المتحرشين والمعتدين، خاصة أنه يضمن عدم كشف هُوية المشكو فيه بطريقة لا تجعله يقدم بلاغًا بالتشهير به عبر وسائل السوشيال ميديا ولكن التلميحات تساعد الرأي العام على كشفه والتعرف عليه، وهذا غالبًا ما تقصده الشاكيات لأنهن لا يُردن أي مقابل لشكواهن إلا أن يعرف الرأي العام من هم هؤلاء المسكوت عنهم، الذين يتغنون بحقوق النساء، ثم يعتدين عليهن من وراء حجاب الفيسبوك وتويتر!
وحملت الحملة العالمية الأخيرة #Me_Too الكثير من محاولات فضح الأشخاص المتحرشين ذوي الشهرة في مصر، وكيف كانت بوستات "الفيسبوك" و"تويتر" صادمة لكثير ممن يعرف هؤلاء الأشخاص الذين تمت الإشارة إليهم بشكل مجازي في منشورات الحملة التي كانت تكتبها فتيات ونساء تعرضن لمحاولات تحرش واعتداء كان من الصعب إثباتها قانونيًا، لأن القانون لا يعترف بتفسير النساء لرسالة إلكترونية عَبر الشات تحمل تأويلات تحرش، ولأن النساء في مصر تختار دائمًا الاختيارات الآمنة التي تضمن درجة أعلى من السكون والسكوت في وجه رياح مجتمع لا يرحم مَنْ تقرر أن تتحدث، مما جعل هؤلاء المتشدقين المعتدين وغيرهم يضمنون أن النساء يخترن دائمًا السكوت على أحداث الاعتداء خوفًا من الوصم، وهذا ما جعلهم يتحرشون باطمئنان؛ إلى أن جاءت الرياح بمنشورات تفضح وتكشف وجههم القبيح إلى الأبد.


يحدث في قنا.. دق البصل على الأعتاب وتلوين البيض بالبرسيم في شم النسيم

بيض شم النسيم

كتبت- أسماء باسل
"لقيت الفول والبقول.. إيش أقول!".. مثل قديم، توارثته الأجيال في القرى البعيدة من الجنوب، يتجدد كل عام في صبيحة يوم شم النسيم، اليوم الذي تستيقظ فيه النسوة مبكرًا قبل طلوع الشمس لدق البصل على أعتاب المنزل، وطرح الفول النابت على الشبابيك والطرقات، ورش الماء البارد في أنحاء المنزل وأمام أبوابه؛ استقبالًا لعام جديد سعيد، مليء بالخيرات.
كما جرت العادة في هذه الأيام من السنة، لا تكتفي النسوة بإغداق منازلهن بالبصل والفول والماء، بل يحملن في أياديهن حملًا زائدًا لمنازل الجيران الذين لم يستيقظوا بعد، ولم يفتحوا ابواب منازلهم للعام الجديد بعد.

تحتفظ بعض القرى في قنا إلى الآن بما كان يتبعه الناس قديمًا، الانسلاخ عن العاداث شيًئا ليس سهلًا، لكنه واردًا جدًا وهذه العادات المرتبطة بأعياد الربيع وشم النسيم من أكثر العادات التي مازالت عالقة في وجدان الناس إلى الآن خاصة في القرى، لما لها من علاقة متأصلة بالمكان والطبيعة وأساليب الحياة في الجنوب، وارتباط الطبيعة بالأديان مثلما تُنبت أشجار النخيل سعفها قبل أيام قليلة من أسبوع الآلام من كل عام.
ما زالت العادات المرتبطة بطبيعة المكان شاهدة على توارثها، كتلوين البيض في سبت النور بأوراق البرسيم، الذي يعطي البيض لونًا أصفر غامق، كنتيجة قريبة من نفس اللون التي تعطيها أوراق البصل الناشف للبيض، كذلك التلوين بالشاي والكركديه وأوراق الكسبرة الخضراء، وهي طرق تبدو أنها ملائمة لطرق الحياة في الجنوب، المعتمدة على أدوات الطبيعة أكثر من أي طرق حديثة كإرتباط وجداني بالقديم.

لكن هناك عادات اندثرت مع الزمن بفعل التراكم، من بينها يوم أربعاء "الغبّيرة"، وهي عبارة عن نبات كانت تتم زراعته على حافة الترع، وكان موسمه يتزامن مع هذه الأيام، ليستخدمه الناس في ماء الاستحمام لطرد الدود والسموم من الجسم.



أسماء باسل تكتب: مسلمو وأقباط «الرزقة» يتبادلان الصوم وفاء للنذر

أسماء باسل

أسماء باسل
تطل علينا من زوايا القرى والأحياء القديمة قصصًا، تبدو كأنها نسج خيال، نتوارثها من أجيال كانت أقصى صراعاتها تقف عن حد ملاحقة الطيور الجارحة في الحقول بأن ينصبوا لها "خيال مآتة" كي تفر بعيدًا بلا ضرر يلحق بها، أجيال وأناس عاشوا في سلام آمنين.
قصص يعتبرها الكثيرين الآن محض جهل أو فطرة، يزيدون عليها بالسخرية والسفه، غير عابئين بأنها كانت جزءًا من حياة حقيقية لأجيال عاشت على أرض مشتركة، وعادات متلامسة، وديانات لم تكن تعرف التطرف بعد، فقط عاشوا كما يجب أن تعاش الحياة لمن في إمكاناتهم.
يردد علينا كبار السن قصصًا بطرق مسلية، تشعرنا كأنهم يريدون أن ينسجوا منها مدنًا كاملة، يهرعون إليها من واقع لم يعد يشبههم، ولا يشبه فطرتهم التي تداخلت مع كل شيء في حياتهم، حتى وإن كانوا مختلفي الديانات والأعراق والسن وحتى اللون.
في قرية الرزقة، بمحافظة قنا، حيث يعيش منذ زمن مسلمون ومسيحيون في بيوت متجاورة متداخلة، مثل باقي القرى في أغلب محافظات الجنوب خاصة قنا والأقصر وأسوان، التي تشهد قراها تنوعًا بينًا، يظل التعايش هو ملجأها الأخير.
في هذه القرية قديمًا، كان بعض المسلمون والمسيحيون يتشاركون الصيام، ليس لعلة دينية خالصة، بل للإيفاء بنذر، وتقربًا لله في كل دين، النذر في الجنوب من أهم مظاهر الحياة عند أهل القرى، يقرنونه بأغلب مصائرهم، حيث يقومون بالنذر للرغبة في تحقيق دعوتهم، ثم تسديده في حال تحقيقها كنوع من الإيفاء بالوعد والشكر أيضًا، لا يلتفتون إلى اختلاف الأديان، بل إلى اجتماع المحبة والرغبة في القرب والدعوة بكل طريق.
لا يتوقف الأمر عند الصيام فقط، بل في حالات المرض والضيق، فعند الانتهاء من الحيل الطبية والدينية يتبادل الجيران الذهاب إلى الشيوخ أو إلى القساوسة؛ للاستعانة بهم على المرض والكروب والآلام أو الضيق.
وفي رمضان كان يصوم المسيحيون كما المسلمون، يمتنعون عن الأكل والشرب، يفطرون ويتسحرون مثلهم تمامًا، ويصوم المسلمون صيام العدرا مثل صيام المسيحيين أيضًا، وفي الأعياد يقيمون نفس الطقوس معًا، كأنها أعيادًا مشتركة، مثل كعك العيد في رمضان والأضحى والقيامة وعيد الميلاد، وفي أسبوع الآلام؛ لا تستطيع أن تفرق بين مسلم وآخر مسيحي إلا إذا تفحصت أسفل راحة كف أحدهم لتتأكد من وجود صليب أم لا، يغزل المسلمون أساور الخوص ويزينون بها منازلهم في أحد السعف، يأكلون العدس والحادق والبيض، يذبحون الطير، ويعرفون الأيام بأسمائها، ويقيمون لكل يوم  طقسه الخاص.
لا تعرف كيف تميز بين دين وآخر في أوجه الناس، إلا إذا وجهت سؤالك مباشرة أو انتظرت ميعاد الصلاة في الكنيسة أو المسجد، حتى هذه المواعيد يمكنك أن تصادف بها وجود مسلمين داخل كنيسة لزيارة بغرض الإيفاء بالنذر، أو تجد مسيحيين في ساحات المساجد والمشايخ يطلبون شفاءً من مرض أو إيفاءً بالنذر.
كل شيء في القرى قديمًا ليس له خطوط ترسمها الاختلافات، وكأن الحياة فيها رسمت بالفطرة لأناس أقاموا حياة متسامحة، تعينهم على الحياة بقلب لا يعرف إلا الحب، حتى وإن وُصف هذا الحب الآن بالجهل.  


بالفيديو آية أحمد.. مشروع شيف للصُم والبكم

الشيف آية

كتبت- أسماء باسل
نشأتها في أسرة لأبوين من الصم والبكم، حفزتها للاهتمام بهذه الفئة من ذوي الإحتياجات الخاصة التي لا تجد الرعاية الكافية من قبل المجتمع بـ" مشروع مبتكر" يُدمجهم و يحفزهم على التفاعل بتلبية احتياج بشري لهواة الطهي، يتمثل في تعلم مهاراته لكن بلغتهم.
استغلت الشيف آية أحمد هوايتها في الطبخ، لتقديم فيديوهات مصحوبة بلغة الإشارة لتعليم فئات الصم والبكم مهارات الطبخ وبالفعل نشرت فيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي لهذا الغرض.  وتسعى لتسجيل مزيد من الحلقات للوصول إلى أكبر قدر من جمهور الصم والبكم الذين يتطلعون لإحتراف مهنة الطبخ.
تقول آية لـ "مصر الناس": اكتشفت شغفي بالطبخ من طفولتي لما كانت بساعد ماما وجدتي في المطبخ وبعد ما اتخرجت من كلية التجارة التحقت بأكاديمية خاصة للطبخ لمدة سنة. 
وتضيف أنها تعلمت في الأكاديمية فنون الطهي وتقديم الطعام كما تلقت عدة تدريبات في مطاعم وفنادق.
وتتجسد أحلامها ، في تدشين قناة على اليوتيوب لتقديم فيديوهات طبخ بلغة الإشارة للتيسير على الصم والبكم طرق تعلم الطبخ بلغة يفهموها حيث تطمح بوصول المطبخ المصري إلى العالمية وأن تصبح مثل الطباخ الفرنسي العالمي "بول بوكس" المُلقب بـ "باب المطبخ وطاهي القرن العشرين".
وتحب آية تحب المطبخ الإيطالي، لكنها تميل إلى تجربة طبخ أكلات جديدة وغير مألوفة دائمًا تبتكرها من قراءتها في مجال الطهي ومتابعتها للبرامج المتخصصة.
وقدمت آية طبخة "البامية المقلية" عند أول ظهور مرئي لها من خلال مواقع التواصل الإجتماعي ، وهي طبخة جديدة تجدوا فيديو لها بنهاية هذه السطور.
ورغم انتشار مطاعم حول العالم تقدم خدمات للصم والبكم وبدء ظهورها في مصر من خلال توفير عمالة من الصم والبكم، للتيسير على الزبائن من ذوي الاحتياجات الخاصة، الا أن آية لم تجد حتى الآن جهة داعمة لمشروعها المتمثل في تقديم برنامج طهي موجه للصم والبكم.

سارة سمير.. تجربة نجاح قوامها الإرادة والتحدي بإمكانيات محدودة

سارة سمير - أرشيفية
كتبت- أسماء باسل
دائمًا ما نعتقد أن النجاح يأتي بعد عُمر مليء بالخبرة، أو بالعيش في مكان مؤمّن بالتسهيلات، ننبهر أمام من يقدمون نجاحًا بإمكانيات أقل مما نعتقد؛ لينسفون تابوهات النجاح التي لطالما أعاقت الكثيرين عن تحقيق إنجازات كانت على بُعد قليل منهم.
سارة سمير، الربَّاعة المصرية الصغيرة، ابنة قرية الهوانية-القصاصين بمحافظة الإسماعيلية، إحدى النماذج التي تُبهر العالم الآن في دورة ألعاب البحر المتوسط، بقدرتها على قنص ميداليات ذهبية من منافسين ومنافسات لديهم فرص كثيرة في التدريب والرعاة واتحادات مستقرة.
 رغم كل شيء تُصرّ سارة على أن تتوسط منصة التتويج ليرتفع أمامها علم مصر عاليًا على أنغام موسيقى النشيد الوطني، وهي أصغر لاعبة تُوجت على منصات التتويج في دورة الألعاب الأوليمبية ريود دي جانيرو التي أقيمت عام 2016، والتي التحقت بها بعدما ضحت بأداء امتحان الصف الثالث الثانوي، لم تستطع وقتها تعويض الامتحان، لكنها عادت ببرونزية أوليمبية.

بدأت سارة، ممارسة اللعبة في الحادية عشر من عمرها، والتحقت بمدرسة المؤسسة العسكرية، بتشجيع من أخيها الذي كان مدربًا لرفع الأثقال، وكذلك أبيها الذي كان يمارس نفس اللعبة، وكانت تتمنى أن يراها تحصد الجوائز العالمية، لكنه تُوفي قبل أن تحقق سارة برونزية أوليمبياد ريو دي جانيرو، ربما كان القدر أشد لُطفًا حينما سمح لأبيها أن يراها تحصد جوائز عالمية قبل هذا الأوليمبياد، استهلتها سارة من الصين عام 2014 في أوليمبياد الشباب.
 وأهدت سارة لأبيها الميدالية الذهبية لأوزان مختلفة بين خطف ونتر بفارق 18 كيلو جرام عن أقرب منافسيها، وبهذه الميدالية أصبحت سارة أول امرأة مصرية تحصل على ميدالية أوليمبية في منافسات السيدات، ثم حصلت على برونزية أولمبياد ريو دي جانيرو في أوزان نتر وخطف بمجموع 255 كيلو جرام.
وقبل ذلك، حصدت سارة ثلاث ميداليات ذهب في بطولة إفريقيا للناشئين في تونس 2012، ثم بطولة إفريقيا للشباب بتونس أيضًا بواقع ثلاث ميداليات ذهب، بعدها بطولة العالم للناشئين في بيرو بثلاث ميداليات ذهبية، وغيرها العديد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، كان آخرها ذهبيتي بطولة ألعاب البحر المتوسط المقامة في مدينة بتاراجونا الإسبانية هذا العام.
تاريخ قصير لشابة صغيرة ذات إصرار، مليء بالإنجازات؛ دفع الفتيات إلى الرغبة في ممارسة اللعبة في مدينتها خاصةً، لتتسبب سارة بشكل تلقائي في رفع عدد الفتيات المُسجلات في الاتحاد المصري لرفع الأثقال بعد حصولها على برونزية ريو دي جانيرو، والتمهيد للفتيات والسيدات في طريق الألعاب الصعبة التي شابتها هالات من الترهيب وعدم وملائمتها للسيدات.
وبالرغم من محاولات الإحباط التي كانت تواجهها من البعض بالمفارقة بين ممارستها للعبة رفع الأثقال وكونها أنثى، إلا أنها واصلت إصرارها على النجاح الذي تحصده الآن.
هكذا أكدت سارة أنه ليس هناك ألعاب مخصصة لغير النساء، وبرهنت أن النجاح في أي لعبة لا يشترط سن أو جنس، بل تركيز ومثابرة وإصرار على النجاح.



في عيد اللحمة.. هل النباتيون بمأزق؟


أرشيفية

كتبت- أسماء باسل
في كل عيد أضحى، تتجدد عدة نقاشات ينقسم حولها المؤيدون والمعارضون لتناول اللحوم من عدمها، ولهؤلاء وهؤلاء أسباب ومبررات، من أهمها طرق ذبح الأضاحي، خاصة في الشوارع، ما يرفضه بشكل بارز «النباتيون»، المقاطعون للحوم بأنواعها لأسباب مختلفة.
يتجدد رفض النباتيون لتناول اللحوم عند بروز بعض طرق الذبح المؤذية للحيوان والإنسان في آن واحد، مع تعرّض البعض منهم لضغط مستمر للمشاركة في حلقات أكل «الضاني والفتة» كطقس اجتماعي في أجواء عائلية معتادة، وهم من قاطعوا هذه الأنواع من الطعام منذ فترات زمنية مختلفة بقناعات راسخة.
 منذ أيام انتشر فيديو على صفحات السوشيال ميديا، يرصد عِجلًا في مدينة دمنهور، فارًّا من أصحابه ويهرع إلى الشوارع، مُحدِثًا إصابات بالغة لأشخاص من بينهم أطفال، لاقى الفيديو ردود أفعال بالغة الغضب نحو التعامل مع الحيوانات إبان موسم الذبح، إلى الحد الذي تصبح فيه مؤذية للمارة، ما جعل المعارضون لأكل اللحوم يجددون دعواتهم برفض التعامل مع الحيوانات بطرق غير آمنة.
بينما رأى آخرون عدم ضرورة ذبحها من الأساس، فيما نادى غير النباتيين بضرورة تقنين طرق التعامل مع الحيوانات خاصة في موسم الأضحية، لكونها يتسرب إليها الإحساس بالخوف من الذبح والهلع منه، وتلجأ للهرب وإيذاء المارّة.
 ثمة مواقف أخرى-بعضها مضحكة-تحدث مع النباتيين حول مقاطعتهم للحوم، في دوائر اجتماعية معتادة على اللحوم خاصة الأضحية.
ففي صباح يوم العيد، عزمت زوجة بواب العمارة على «ندى»، 27 عامًا، طبيبة أسنان، ومقيمة معها بالعمارة، على طبق من الأرز وآخر من الحساء باللحم، لترد الأخيرة العزومة بالشكر والاعتذار لكونها لا تأكل اللحوم، ليأتي رد زوجة البواب «ليه يا بنتي هو أنتِ عيانة؟!».
لم تتذمر «ندى» من الأمر، وتتفهم عدم قبول أو فهم الآخرين لقرارها بمقاطعة اللحوم، لكنها مع الوقت اكتسبت مساحة تسمح لها باحترام الآخرين لتفضيلاتها، وقابلت أشخاصًا أبدوا لها رغبتهم في تكرار تجربتها لكنهم لم يقبلوا على تلك الخطوة بعد.
تهتم «ندى» بتطبيق نظامها الغذائي على نفسها دون الاهتمام بنشر الفكرة لدى الآخرين، لكنها تضطر للطبخ بمفردها حينما تعود لمنزل العائلة، حتى توفر جهدًا من محاولات الضغط عليها لمشاركتهم في موائد اللحوم، فبحسب عادات البيوت، اللحوم هي نصيب الفرد من الميراث الأسبوعي غير المكتوب، ومن لا يتناولها كأنه فوّت ميراثه الاجتماعي داخل الأسرة.
ربما من هنا أيضًا تأتي معاناة هبة عثمان، طالبة في كلية الفنون الجميلة، وتواجه نفس الضغوط أو العروض التي لا تنتهي عند الذهاب إلى بيت والدتها.

توقفت «هبة» عن تناول اللحوم منذ 2012، عدا الأسماك لكنها لم تشفع لها عند الآخرين الذين يعرضون عليها من آن لآخر أن تتخلى عن مقاطعتها للحوم الأخرى، خاصة في الأعياد، والتجمعات العائلية، ودوائر الأصدقاء، الذين يضغطون عليها في شكل دُعابات تدعوها للعدول عن قرارها.
تضطر والدة «هبة» للنزول إلى رغبتها بإعداد أصناف نباتية على المائدة كالجلاش بالجبنة، وتعتقد أن حصارها في صنف أو اثنين مقابل عدد كبير من الأصناف الأخرى باللحم هو عقاب مُبطّن للرجوع عن قرارها، مع ذلك تظل الابنة صامدة منذ أكثر من 6 سنوات.
مقاطعة اللحوم بالنسبة للدوائر الاجتماعية هي فكرة مثيرة للسخرية في أحيان كثيرة، بل ومثيرة للضغط بنقاشات دينية مختلفة.
منذ قرابة عام، صادفت نيرة فوزي، 27 عامًا، خبرًا حول تكفير النباتيين، وأنهم فئات تُحرم على نفسها ما حلّله الله لها، فأزعجها فكرة عدم حق اختيار الشخص لتفضيلات بعينها، وتدخُّل الآخرين فيها، وإصدار أحكام في صورة ترهيب أو ترغيب للتراجع عن فكرة مقاطعة اللحوم خاصة في الموائد العائلية التي تعتقد أن كثرتها على المائدة دليل الكرم.

 وحينما قررت هند أبو الوفا، مصورة، الكف عن تناول اللحوم، منذ عامين، لاقت ردود أفعال ساخرة، لكنها كانت تجد صعوبة في مواجهة الضغوط التي تقع عليها لتغيير قرارها.

وقعت «هند» في حيرة داخلية بين قناعتها الشخصية بقرارها وكيفية إقناع الآخرين بالكف عن السخرية منها، ما جعلها تلجأ لاستخدم أسلوبًا حادًا بعض الشيء لمواجهة الساخرين من خارج أسرتها، التي ترغب في أن يتناول كل الأعضاء اللحوم سويًا كطقس معتاد، لكن إبدائها الرفض عادة ما يكون كفيلًا بإنهاء الأمر. 
لانتشار فكرة «الفيجيتريان» أو الاعتماد الكلي على الطعام النباتي، تأثير على المحيطين بأن هؤلاء قد اتخذوا قرارهم، ولا رجعة فيه إلا برغبتهم، لكن هل سـتقلِّ محاولات الضغط أو السخرية على النباتيين؟ أو حتى ممن يتناولون الأسماك فقط؟ هل النقاشات الدينية يمكن أن تحسم قرارات شخصية وتفضيلات خاصة للأشخاص نحو طعامهم؟ هل هذه النقاط وأكثر تضع النباتيين في مأزق كل عام في موسم اللحوم، وتجدد مظاهر السخرية تجاههم؟



للمرة الأولى بمعرض الكتاب.. أرشيف صور لصناع الثقافة في مصر

منفذو مشروع «Photo Book»

كتبت- أسماء باسل
حملت الدورة الخمسين من معرض الكتاب الكثير من المفاجآت، حتى جعلتها مثارًا للنقاش الواسع قبل ميعادها بشهور، خاصة بعد تغيير المكان والإعلان عن خطط جديدة لإقامة وتنظيم المعرض وفعالياته، ومن ثم انطلق فيه أول مشروع للتوثيق الصحفي الثقافي لصناع الثقافة في مصر، وكذلك لرواد المعرض على مدار أيامه.
تسعى المبادرة إلى توفير أرشيف مصور للمبدعين والكُتاب خاصةً، لاستخدامه في التوثيق الصحفي والأدبي.
‏• مشروع «Photo Book»:
يحمل المشروع اسم «Photo Book»، ويقوم به فريق متطوع من المصورين المحترفين وهم: علاء فريد وأحمد صلاح ومحمود مسعود، ثلاثة شباب مصورين لديهم مشروعهم الخاص، لكنهم قرروا المساهمة في إنشاء أرشيف صحفي مصور لصُناع الثقافة في مصر ليكون متاحًا للهيئة العامة للكتاب التي ساندت الفكرة مع لجنة الشباب والمبادرات والصحفي سامح فايز، عن طريق التبرع بتصوير المبدعين والكُتّاب داخل المعرض، وكذلك باقي الرواد، بشكل مجاني طول أيام المعرض.
• مكان المشروع:
في بلازا (1) بين صالة 1 و2، يتخذ فريق المشروع مقره، حيث يتمكن رواد المعرض من رؤيتهم والذهاب لالتقاط صورًا شخصية عند الفريق الذي يقوم بالتقاط صور شخصية لكل شخص على حدة، ثم يقوم بنشر الصور على صفحة مشروعهم الأساسي المسؤول عن المبادرة والذي يحمل اسم «ISO Photography»، ليستطيع أصحاب الصور الحصول عليها.
على أن تذهب نسخة من صور المُبدعين والكُتّاب إلى الهيئة العامة للكتاب، وأن تكون متاحة للصحفيين المهتمين بالشأن الثقافي في مصر، وكذلك أقسام الثقافة في الصحف والمواقع المختلفة.
وافتتحت الدورة الذهبية من معرض القاهرة الدولي للكتاب جماهيريًا في الثالث والعشرين من يناير الماضي، بمقر أرض المعارض الجديدة، في التجمع الخامس، خلف مسجد المشير طنطاوي، وتستمر حتى الخامس من فبراير الجاري.


هاني المصري مبتكر بيوت ديزني.. فنان عرفه جيل الشباب بعد رحيله

الفنان التشكيلي الراحل هاني المصري

كتبت- أسماء باسل
طفل بمدرسة الجزويت بالقاهرة يتحجج بانهيار حشو ضرسه، ليخرج سريعًا إلى سينما مترو لمشاهدة العرض الأول لفيلم «Jungle Book»، ليساهم ولعه فيما بعد في صنع الاسم العالمي هاني المصري.
وُلد هاني المصري في 1951، وتخرج في قسم الديكور بكلية الفنون الجميلة عام 1974، بعدما رفض الالتحاق بالهندسة متحديًا رغبة العائلة، ودأب على محاولات التحويل لمدة 7 أشهر متتالية، حتى اقتحم مكتب وزير التعليم العالي، ليقرر الأخير تحقيق رغبته ومنحه موافقة وزارية على طلبه.
دراسته كانت وِجهته للانفتاح على مستقبل رسمه منذ صغره، فكانت لديه موهبة وفن لا ينضب، أهلته ليكون أول مصريًا يعمل في استديوهات «والت ديزني».
أعماله..
بدأ هاني، عمله في والت ديزني منذ 1991 وحتى 6 سنوات كمصمم ديكور، ثم عمل في شركة «دريم ووركس» ليشارك معها في العديد من الأعمال منها فيلم الرسوم المتحركة الشهير «أمير مصر».

حبه لعلم المصريات والتاريخ العمراني والفني لمصر، جعله يلتحق بفريق عمل الفيلم، بعدما عرض على صناع العمل، ليقرروا انضمامه إليهم رغم اكتمال طاقم العمل، خاصة بعدما أظهر معرفته الواسعة بالفنون والتصاميم المصرية المختلفة عبر الحضارات القديمة والحديثة.
صمم هاني، شخصية الدب الأزرق «كيمو» ماركة الآيس كريم، ومطعم الجدة سارة في ديزني لاند بطوكيو، وبحر ديزني لاند، ومنزليّ ميني ماوس وبندق في مدينة «توون تاون»، التي يعيش فيها شخصيات ديزني الشهيرة.

وشارك أيضًا في هندسة الديكور لعدة مسرحيات منها «العيال كبرت»، و«شاهد ماشفش حاجة»، وصمم رسومات كتاب «ألف ليلة وليلة»، ورسوم مجلة «العربي الصغير» الكويتية، وغيرها من الأعمال، لينال عنها جائزة أفضل رسام لكتب الأطفال في 1979، وأفضل رسام مصري لكتب الأطفال من الهيئة القومية لكتب الأطفال في 2004.

كان ولعُه بفنون الأطفال دافعًا لإسهاماته في الكتابة أيضًا، فكتب للأطفال مجموعة «خلف الأبواب السرية»، و«عروس فرعون».
وحبه للفن التشكيلي، جعله يحوّل مفردات حياته الواقعية إلى لوحات شديدة الجمال؛ براد الشاي المصنوع من الزهر والمقاهي في الإسكندرية، وأماكن مثل المكس والمنتزه، كل هذه المفردات وأكثر حوّلها المصري من أماكن وأشياء يحبها إلى لوحات لا يخطئها قلب.

رؤيته القيّمة للفن كانت هي دافعه نحو العطاء لمن يريد المعرفة، تحكي عنه مي الوكيل، مدرس مساعد بكلية الفنون الجميلة قسم الديكور، بزخم إنساني مليء بالحب، قائلة: «كنت أجري بحثًا وأرسلت استبيانًا إليه فدعاني لمناقشته قبل ملئه، وكان اللقاء الأول بيننا ومن وقتها صار صديقًا لي ولزوجي».
وتابعت: «عرّفني على شخصيات هامة في ديزني، من بينها مارتي سكلار، واستخدمتها جميعًا كمراجع في رسالتي للماجستير، وحاول دعمي معنويًا كثيرًا خلال كتابتي للرسالة حتى إنه راسل «سكلار» ذات مرة ليشجعني على مواصلة البحث والإنجاز».
وأضافت أنه لا يمكن حصر الفنان هاني المصري في منطقة دون أخرى في مجال الفنون، فهو كان يتمتع بدراية واسعة وعين فنان تحول الحياة كل يوم إلى لوحة فنية، حتى إنه كان لديه خلفية واسعة في العمارة الإسلامية، ووجهها كثيرًا في ذاك المجال.
عاداته:
ووصفته بأنه كان بسيطًا يشرب الشاي الورق، والسجائر اللف، كان لديه غرفة نصفها الأمامي غرفة نوم والنصف الخلفي مطبخ صممه بنفسه، وحينما يأتي إلى الإسكندرية يحرص على تناول الكبدة في بحري، والجلوس على مقهى سيد درويش، معقبة: «لقد عاش كما يجب أن يعيش الفنان».

وعن مرضه:
 ذكرت مي، أنه عندما أخبرها بمرضه وشعر بحزنها، قال لها إن حياته ومحاولاته في الحياة ليست بسيطة، ومن الطبيعي أن يأتي قدره غير بسيط، وحينما كانت تعلق على أشياء فنية في منزله كان يقول لها إن المنزل هو مساحة الإنسان الخاصة التي يجب أن يملأها بما يحب أن تراه عينه.

وفي بدايات معرفتها به، سألته بأي صفة يجب أن تناديه، فجاء رده: «قليلي يا هاني زي ما بقولك يا مي إحنا فنانين زي بعض».
وقالت إنه كتب لها بيتًا شعريًا عظيمًا في معنى قيمة الشخص وليس ألقابه، مؤكدة أنها ما زالت تحتفظ به.
«ليس بالألقابِ يزدان حاملها.. إلا إذا ازدان باسم الحامل للقب
ومن لا تشرفه في الناسِ همتهُ.. فلا تشرفه الألقاب والرتب».
وفاته..
في 24 أغسطس الماضي، مرت الذكرى الثالثة على وفاة الفنان العالمي هاني المصري، بعد أن ترك اسمًا له عالميته وفنًا لا يزول.
وكانت وصيته لابنه وعائلته وطاقمه الطبي، هي عدم محاولاتهم في إطالة عمره بأي وسائل طبية صناعية، لإصراره على مواجهة الموت بالأمل، كما كان مع أحلامه دومًا.