الأحد، 7 يوليو 2019

زينب محسن تكتب: «زواج القاصرات».. اغتصاب رسمي


مصر الناس
كتبت-زينب محسن
كثرت الآفات في مجتمعنا الذي ما زال يتبع عادات وتقاليد مشينة في حق المرأة، فعلى الرغم من المكاسب التى تحققت للمصريات إلا إنهن ما زالوا يعانين من تمييز وعنف خصوصًا الريفيات الواقعات تحت وطأة العادات والتقاليد تحت مبرر "السترة" "العفة" "الشرف" وغيرها من المصطلحات الزائفة، فما زال بعض القرى والنجوع مترامية الأطراف متمسكة بالزواج المبكر أو كما يطلق عليه زواج القاصرات.
عندما رُشحت لتنسيق مشروع "صغيرة على الزواج" التابع لجمعية حقوق الإنسان لتنمية المجتمع بأسيوط، خطر ببالي عدم اقتصار هذا الشعار على من هم دون 18 عامًا بل يجب أن يتضمن كل من تعدى السن القانوني أو سن الرشد أو بلغ سن الزواج كما يسمونه البعض، فمن تتزوج تحت ضغط من الأهل هي صغيرة على الزواج، ومن تتزوج دون الرغبة في تحمل المسؤولية من بيت وزوج وأطفال هي صغيرة على الزواج، ومن تتزوج لمجرد الحصول على لقب مدام فقط لا غير فهي صغيرة على الزواج.
وعند تعمقي في القضية، اكتشفت جوانب أخرى أقل ما يقال عنها "كارثة"، ووجدت نفسي أمام صور تحمل في طياتها قصص فتيات شاءت الأقدار أن يكن ضحايا الزواج المبكر، دخلن قفص حالمين أن يكون ذهبيًا وهن في سنوات مراهقتهن بل لم يتجاوزن مرحلة الطفولة، لمنهن تحولن من أطفال دورهن الاهتمام بالألعاب والحلم بمستقبل ناجح إلى بيت وزوج وأطفال لا يتعدى العمر بينهم وبين أمهاتهم سنوات تُحصى على الأصابع.
ويتم الزواج عن طريق مأذون أو إمام جامع يلقن الصيغة الشرعية للزواج؛ لصعوبة توثيقه لعدم بلوغ العروس السن القانوني وفي أغلب الأحيان يكون كلا العروسين، ويأخذ أهل العريس إيصال أمانة على أهل الفتاة يُترك عند المأذون لعدم توافر الثقة بين العائلتين، ويُسترد عند الطلاق، لكن عند حدوث المشاكل والقضايا كل يغني على ليلاه.
وانهالت عليَّ قصص الزواج كالصاعقة، روايات يشيب لها شعر الرأس، ومن أصعب هذه القصص فتاه  تزوجت وهى لم تتعد 18 عامًا، تركها زوجها وهي حامل ورفض الاعتراف بالجنين، وبعد تفكير من الأب فكر في عمل محضر باغتصاب ابنته من قبل الزوج المتهرب، وبعد التحقيق والتحليل اعترف الزوج بالاغتصاب وتم زواجهم بمحضر رسمي، فمن المضحكات المبكيات أن يعترف الزوج بالاغتصاب رغم إنكاره في البداية ومن الناحية الأخرى تجرد الأب من الإنسانية ويكون هو المتسبب الأول في فضح ابنته وهنا يليق وصفه بأنه "اغتصاب في صورة زواج"، فهل يتعلق هذا بثقافة المجتمع القروي التي يريد فيها الأب الاطمئنان على ابنته مبكرًا من خلال تزويجها؟!
أى عقل هذا يستوعب تلك الكوارث وأي قلب يتهاون في بيع ابنته مقابل حفنة من المال وطمعًا في ميراث الزوج! أي أبوة هذه تلقي بناتها للتهلكة ويجعل منهن فريسة سهلة المنال لكل من هو قادر على الدفع مقابل ورقة زائفة لتكون النتيجة أبناء هم أشبه بالقنابل الموقوته بغير شهادات تثبت حقوقهم.
يمكنني القول إننا أمام جريمة تتمثل في جشع العديد من المحامين والبعض من أئمة المساجد والمأذونين الذين يتخذون "قال الله ورسوله" ستار لاستغلال الفتيات وتدمير مستقبلهم، بعد أن يقوم منتحلي صفة مأذون للآسف بارتكاب أبشع الجرائم بعمل قسائم زواج وشهادات تسنين مزورة فتصبح الزوجة دون وثيقة تثبت زواجها وتضيع حقوقها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق