الاثنين، 21 مارس 2016

أم رامي الصعيدية.. زرعت الأمل والتضحية فحصدت كل الرضا

ابتسامة رضا من أم ضحت بالكثير - تصوير نورا أحمد

نورا أحمد محمد 

استيقظت أم رامي ذات صباح بعيد على خبر وفاة زوجها بسكتة قلبية وهو يعمل فى الحقل في ريعان شبابه, وهي السيدة البسيطة التي لم تكن قد أكلمت السبع وعشرين عاما وقتها، تاركا لها سبعة أبناء خمسة من الذكور وبنتين, فماذا تفعل وهى الفلاحة البسيطة التي لا تملك سوى قطعة أرض صغيرة كانت تزرعها مع زوجها، ولا تعرف في الدنيا سوى الفلاحة وتربية الطيور شأنها شأن معظم نساء قريتها التابعة لمركز مغاغة في محافظة المنيا.



"مليش غيرك يارب ساعدنى أربي العيال اليتامى دول" هكذا كانت تدعو أم رامي وهي لا تدري من أين ستطعم هؤلاء اليتامى ولا كيف ستعلمهم وهي بمفردها بدون زوج ولا سند.

"أهل الخير جابولى جاموسة تساعدنى مع الأرض فى تربية العيال, بدأت أزرع الأرض وكان بيساعدنى رامي الكبير بعد ما ييجى من المدرسة وكنت باعمل من لبن الجاموسة سمنة وجبنة وأبيعها للناس، وأصحى من الفجرية أجمع شوية خيار من الأرض واروح ابيعهم في السوق واجيب بتمنهم أكل وكراريس للعيال عشان المدارس, عايزة عيالى يتعلموا ويبقى معاهم شهادة عشان الزمن ميجيش عليهم ويلاقوا حاجة يتسندوا عليها لما يكبروا".

مع كل الضغوط التي تعرضت لها أم رامي لتوفير القوت لأولادها، فإنها تعرضت أيضا لضغط من نوع آخر من أهلها لتتزوج مرة ثانية وهي ترفض تماما أن تعرض أطفالها لزوج أم، فمن يقبل هذا الحمل الثقيل إنهم سبعة ابناء "يعني عايزيني أرمي عيالي في الشارع، أنا مش هاتجوز أنا اتجوزت عيالي وأرضي، هعيش عشان أربيهم، سيبوني في حالي أنا مطلبتش من حد حاجة، هاشتغل و وأعلمهم ومحدش يقدر يقول عليا حاجة، أنا باربي ولادي بتعبي وشقايا".

وهكذا صمدت أم رامي أمام كل التحديات التي مرت في حياتها، فقد سخرت حياتها من أجل ابنائها، فربتهم وعلمتهم حيث حصل أربعة منهم على الدبلوم ويعملون في مهن مختلفة والبقية في التعليم، وزوجت ثلاثة منهم وهي الآن تعيش بين ابنائها وأحفادها وما زالت تذهب إلى الحقل وتكافح وعندما يدعوها أبنائها إلى أن تستريح ويعملون هم تأبى إلا أن تكمل رسالتها حتى آخر نفس فى حياتها..

"زي ما علمت الكبار وجوزتهم هاعلم الصغيرين واجوزهم، آي نعم أنا مقدرتش على تعليم عالي بس ده اللي قدرت عليه والله, ربنا كريم قوي قواني أربي العيال دي لوحدي لحد ما بقوا رجالة قد الدنيا، أنا مش عايزة حاجة غير إن ربنا يحفظهم ويباركلي فيهم واعيش لحد ماجوزهم كلهم واشوف عيالهم هما دول فرحتي اللى عشت طول عمري باتمناها وباضحي عشانهم، الحمد لله رب العالمين ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق