الخميس، 31 مارس 2016

معبد الطود بالأقصر .. الشاهد على حضارات إنسانية متعاقبة


كتبت - أسماء باسل

الاقصر تلك المدينة التي حملت أوجه التاريخ المصري القديم ما بين عَبَقه و سجالاته , معاركه وفنونه تجلت معالم حضارية لا يعلم احد عنها شيئاً حتى الآن .

ومن قلب هذه المعالم يأتي معبد الطود الذي يبعد 16 كيلو متراً عن مدينة الأقصر ملوّحا عن صورة قديمة أخرى لحياة الأجداد في مصر القديمة .

وقد بُني معبد الطود في عهد الاسرة الرابعة ، لعبادة الاله " مونتو " إله الحرب وهو الاله الذي عُبد في جنوب طيبة بمدينتي الطود وارمنت .

واعتمد المعبد في بناؤه على الحجر الرملي لقربه من من محاجر الحجر الرملي في إدفو بأسوان كما استُخدم أيضاً لسهولة الحفر والكتابة عليه ومن ثم تلوينه بحجر البازلت والجرانيت.

والطود كلمة عربية تعني الجبل الشاهق في الأرتفاع اذ توجد إلى الآن منطقة صحراوية تُسمى هضبة الطود وهى منطقة مرتفعة عن مستوى سطح المدينة.

تصميم المعبد

ويتميز مدخل المعبد بمدخل شاهق الارتفاع على هيئة صرح ، في قمته مرسوم طائر كان يُسمى " نخبت " على هيئة جناحين يتوسطهما قرص الشمس ، وقرص الشمس في مصر القديمة كان يرمز إلى الاله رع ، والجناحين يرمزان إلى الحماية ، أي ان المعبد في حماية الاله رع .

وأبواب المعبد بنفس ارتفاع المداخل و كانت معظم الأبواب في مصر القديمة مصنوعة من شجر الأرز المغطى بصفائح ذهبية, ويُذكر أن خشب الأرز كان يتم جلبه من لبنان .

وبدأ ظهور منطقة الطود على الخريطة في الدولة القديمة بحقبة الاسرة الرابعة التي تلي عصر بناة الأهرامات .

ومدينة الطود تحتضن شواهد حضارية وتاريخية لحقبات مختلفة من التاريخ الإنساني في مصر القديمة وما تلاها من عصور وحضارات . 


ويعد أقدم آثر في مدينة الطود يلي معبد الطود من حيث الهمية والقيمة التاريخية ، دير القديسين الذي يعود إلى الحقبة القبطية في مصر ، ثم الجامع العَمري والذي سُمي بذلك نسبة إلى عمرو بن العاص ويرجع تاريخه إلي عصر الفتح الاسلامي في مصر ، ثم تم تجديد هذا المسجد ولم يعد أثراً .

مفتاح الحياة

وعلى جدران وأحجار المعبد تنتشر النقوش التي كانت تُشكل عدة معاني عند الفنان المصري القديم فعلى سبيل المثال الصولجان كان يرمز إلي مدينة واست أي طيبة أو الاقصر الآن ، مفتاح الحياة الذي كَثُرت حول مدلوله روايات الأثريين لعل أشهرها ان خريطة مصر التي يحدها من الشمال منحدر الدلتا ثم في الوسط العاصمة ثم شريط الوادي الممتد من الشمال الى الجنوب ، ترمز إلى شكل مفتاح الحياة .

بينما رسومات الخرطوش ترمز لعدة معاني بحسب شكله فإذا كان الخرطوش فارغاً فإنه يرمز إلى العصر الروماني اليوناني ، اذ أن روايات الأثريين تُرجِع سبب ذلك إلى ان الفنان المصري الذي كان يقوم بالنقش على الأحجار كان يأمل أن يتولى حاكم مصري الحكم فكان يُرجىء كتابة اسم الملك الحاكم على الخرطوش ليتركه فارغا دون اسم .

وخضع المعبد إلى مراحل تطوير مختلفة بدأت منذ تشييده في الاسرة الرابعة ، ويتضح ذلك من خلال النقوش والرسومات المرسومة على الأحجار والتي تشير إلي اسم بطليموس وكليوباترا ورسوم الخرطوش الفارغ التي تعود إلي العصر اليوناني .

ويُّذكر ان المعبد تعرض لإهمال عمدي على خلفية أفكار عقائدية متشددة إبان العصر المسيحي والإسلامي في مصر ، حتى أن بعض النقوش في المعبد مُمحاة بآلة كما أن أعمدة الجامع العمري الذي بُني بعد الفتح الاسلامي بُنيت من أحجار المعبد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق